أخر الاخبار

مغامرات القلوب الصغيرة: رحلة البنات نحو الحلم



ثلاثة بنات يتامى يعيشن مع جدتهن في كوخ صغير. في أحد المرات، جلسن حول المدفئة. قالت الكبرى: "أتمنى أن أتزوج من طباخ السلطان لأشبع من الطعام واللحم." وقالت الوسطى: "أتمنى أن أتزوج من حلواني السلطان لأشبع من الحلوى والكعك."


عندما جاء دور الصغرى، سألنها: "وأنتِ بمن تريدين الزواج؟" أجابت: "إن قلت لكم، ستضحكن مني، لكن وعدوني أن لا يفعلوا." قالت لهم: "حسنًا، أريد الزواج من الأمير." ضحكن منها وقالن: "ألم يجدك إلا أنت ليتزوج منك."


كان السلطان في رحلة صيد وصادف أن مر أمام كوخهن. وكان هناك بئر ماء صافي. عندما هم بطرق الباب ليطلب شربة، سمع حديثهن. وفجأة خرجت البنت الصغرى والدموع على خديها، لكنها مسحت دموعها لما شاهدت الغريب أمام الكوخ وعليه آثار السفر.


أحضرت له قلة ماء وكسرة شعير ساخنة وزيت. وقالت: "يعذرني سيدي، فهذا كل ما لدينا في البيت." سمعت الأختان صوت الرجل فخرجتا وقالتا لأختهما: "عليك أن تعجني الدقيق وتعدني لنا خبزاً، ولا تأكلي شيئاً منه، فلقد أعطيت نصيبك للرجل." أجابت البنت: "سأفعل ذلك."


كان السلطان يأكل وينظر لهن، وأعجبته مروءة البنت الصغرى. قال في نفسه: "لا بد أن أجازيها على كرمها وطيبة قلبها، وألقن أختيها الشريرتين درساً لن ينسياه."


في الغد، أرسل السلطان حرسه ليحضروا البنات الثلاثة. ولما مثلن أمامه، تذكرن الغريب الذي زارهم أمس، وأحسسن بالخوف، خصوصا الاختين اللتين لم تكنا لائقتين معه.


لكنه طمأنهما وقال للكبرى: "أعيدي علي أمنيتك التي قلتيها البارحة." فقالت بإستحياء: "أريد الزواج من طباخك." وقالت الوسطى: "أريد الزواج من الحلواني." قال لهما: "غداً سأزوجكما مما تريدان." لكنه لم يسأل الصغرى، فسخرت اختاها منها وقالتا لها: "أكيد أنه سيزوجك من راعي إبله أو كلابه!!!"


عندما إنصرفت البنات إلى غرفهن في القصر، أرسل للصغرى أحد الجواري. فأخذتها إلى الحمام ومشطت شعرها وألبستها ثوباً أنيقاً من الحرير ووضعت الجواهر في عنقها. وقالت لها: "ستكون لك غرفة وحدك. أما الآن، فانزلي إلى الحديقة، فستجدين الأمير، ولا تكلميه إلا في اليوم الثالث."


ذهبت البنت إلى حديقة القصر وأخذت تتفرج على الحيوانات وتقطف الزهور. وكل من يراها يتساءل عمن تكون، فلقد كانت بارعة الجمال، كبيرة العينين، قرمزية الشفتين.


كان الأمير فخر الدين جالساً مع أصحابه يتسامرون، ولما مرت


 أمامهم، صاح أحدهم: "لم أر في حياتي أجمل وأرق من هذه الجارية، لعلها ابنة أحد الملوك." أما الأمير، فلم يرفع عنها نظره حتى ابتعدت. ولكن لاح الإعجاب بها في عينيه، وقال في نفسه: "لا بد أن أعرف من هي."


ذهب إلى جدته وسأل عنها، فلم يجبه أحد. في اليوم الثاني، حاول أن يكلمها، فأرملت له بمنديل مطرز أخذه. ففاحت منه رائحة عطرة أسكرته.


في اليوم الثالث، بقي الأمير ينتظرها، وهو على أحر من الجمر لرؤيتها. وعندما جاءت، ألقى عليها التحية، وقال: "مرحباً، أنا الأمير فخر الدين. أراكِ دائماً بمفردك. أين عبيدك وجواريك؟"


أجابته: "أنا أخدم نفسي وليس معي أحد." أعجبته الصدق والجرأة في إجابتها، وجلسا على مقعد وأخذ يستمع إليها. وقد راق له حسن منطقها وظرفها. ولما أرادت الانصراف، لم يطق صبراً على فراقها، وقال: "أين أذهب إذا أردت خطبتك؟"


ردت عليه: "إلى السلطان، فهو أعلم الناس بقدري ومقامي." قام الأمير من حينه وقصد أباه في مجلسه. أستأذن ثم دخل وقد ظهرت على وجهه الحيرة. سأله أبوه: "ما بك؟ كأنك تريد أن تقول لي شيئاً. هيا، أفصح عما في نفسك يا بني، ولا تترك الغم يستولي عليك."


مد من جيبه منديل البنت ووضعه على صدره، ثم قال: "لقد أحببت من رمته لي من أول نظرة، وملكت قلبي وجوارحي. لعلك تعرف صاحبته. فهل ترغب فيها؟"



أجاب السلطان: "إنها ليست من بنات الملوك، لكن لها همتهم. وليست من بنات الأغنياء، لكن لها غنى النفس. وليست من بنات الأشراف، لكن لها شرف العقل. فهل ترغب فيها؟"


أجاب الأمير: "لا أريد سواها يا أبي. سأمرض إن لم تكن من نصيبي."


قُرن_فضة_وقُرن_ذهب  

الجزء_الأول  

الجزء الثاني  


...سمع السلطان من الأمير أنه يريد الزواج من البنت، حتى صفق السلطان وأتى الحاجب وقال: "امر مولاي، طلب منك أن تحضر البنت الصغرى سكينة، جدتها." بعد قليل، جاءتا وجلستا.


قال السلطان للعجوز: "أطلب منك يد ابنتك للأمير فخر الدين. فماذا تريدين مهراً لها؟"


لكن لم تكن العجوز تفهم ما يدور حولها، فلقد عاشت طوال عمرها في كوخ صغير، ترعى عنزاتها ولم تر سوى الفقراء. لذا قالت للسلطان بإستحياء: "عشرون عنزة. أرجو أن لا يكون هذا كثيراً."




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-